في زمنٍ يغلب عليه صخب السياسة الفارغة وصراعات النخب، يظهر عبد النبي عيدودي كظاهرةٍ يصعب تجاهلها. رجل لا يلهث وراء الأضواء، لكن نور إنجازاته هو ما يجعله مرئياً في كل قريةٍ وزقاقٍ في إقليمي سيدي قاسم وسيدي سليمان. إنه ليس مجرد اسم على بطاقة اقتراع، بل مشروعٌ متكامل لزعيمٍ يعرف أن السياسة الحقيقية تُصنع بين الناس، وليس خلف أبواب المكاتب المغلقة.
ما يفعله عيدودي ببساطةٍ يجعله مختلفاً. بينما ينشغل الآخرون بترتيب تحالفاتهم في الخفاء، هو يفضل أن يكون حيث المشاكل الحقيقية – في القرى المنسية، بين العائلات التي تعاني من انقطاع الماء، وأمام الشباب الذي يئن تحت وطأة البطالة. زياراته ليست مجرد جولاتٍ انتخابية، بل محطاتٌ للاستماع، حيث يتحول كل لقاء إلى فرصةٍ لفهمٍ أعمق، وإلى حلٍّ ممكن.
في منطقةٍ اعتادت على الوعود التي تتبخر بعد الانتخابات، يقدم الرجل شيئاً ملموساً: الإنجازات. لا يحتاج إلى خطاباتٍ طويلة ليُقنع الناس، فما قام به في أماكن أخرى يتحدث عنه. مشاريع البنية التحتية، تحسين الخدمات الصحية، وتوفير فرص العمل – أشياء يراها المواطنون بأعينهم، مما يجعل كلمات خصومه تبدو وكأنها تتراقص فوق فراغ.
قوة عيدودي لا تكمن فقط في ما يفعله، بل في الطريقة التي يفعل بها. هو ليس ذلك السياسي الذي يتعالى على الناس، بل العكس تماماً. يجلس بينهم، يضحك معهم، ويستمع إلى مشاكلهم كما لو كانت مشاكله الخاصة. هذه البساطة، التي يظن البعض أنها ضعف، هي في الحقيقة سلاحه الأقوى. فهي تمنحه شرعيةً نادراً ما يملكها منافسوه، الذين يعتمدون على المال والواسطة لشراء الولاءات.
اليوم، بينما يتساءل الكثيرون عما إذا كان الإقليم مستعداً لخيارٍ جريءٍ قد يغير مصيره، يبدو أن عيدودي قد قرر أن يجعل من نفسه الجواب. الشباب الذين يلتفون حوله في كل زيارة، والنساء اللواتي يشرن إلى إنجازاته في القرى المجاورة، وحتى كبار السن الذين يرون فيه آخر أملٍ لإنقاذ كرامة المنطقة – كلهم يشكلون معاً قوةً يصعب على أي خصمٍ مواجهتها.
السؤال الآن ليس ما إذا كان عيدودي سيفوز، بل ما إذا كان الإقليم سيستيقظ أخيراً ليدرك أن الفرصة قد تكون بين يديه. فرصة لسياسي لا يعد بالتنمية، بل يصنعها خطوةً بخطوة، بحذاءٍ قد يكون مغبراً، لكن خطاه ثابتةٌ نحو التغيير.