شريط الاخبار

قرار الملك إلغاء شعيرة الأضحية في المغرب: هل يستند إلى الشريعة الاسلامية والمصلحة الوطنية

جاء القرار الملكي القاضي بعدم القيام بشعيرة ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لهذه السنة 2025 استجابة لظروف استثنائية تمر بها البلاد، حيث أدى الجفاف المتواصل إلى تراجع كبير في أعداد الماشية. هذا القرار ليس جديدًا في تاريخ المغرب، فقد سبق اتخاذه في أعوام 1963 و1981 و1996 للسبب نفسه، مما يعكس حرص الدولة على حماية مصلحة المواطنين والاقتصاد الوطني.

الوضعية المناخية الصعبة التي يعيشها المغرب خلال السنوات الأخيرة أثرت بشكل مباشر على الثروة الحيوانية، حيث انخفض عدد رؤوس الأغنام والماعز بنسبة 60% بين 2020 و2025. في ظل هذه الظروف، كان الإبقاء على الأضحية سيؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مما يشكل عبئًا على الأسر المغربية، خاصة ذوي الدخل المحدود. القرار الملكي يحمي القدرة الشرائية للمواطنين ويمنع المضاربة في سوق الماشية.

من الناحية الاقتصادية، تجنب ذبح أعداد كبيرة من الأغنام هذا العام سيساهم في استقرار القطاع الفلاحي وضمان استدامة الثروة الحيوانية. المغرب يحتاج إلى فترة لتعويض الخسائر الكبيرة في الماشية، وإلغاء الشعيرة يمنح الفلاحين فرصة لحماية قطعانهم، مما يساعد على استعادة التوازن في السوق خلال السنوات القادمة.

أما من الناحية الاجتماعية، فقرار إلغاء الأضحية يراعي ظروف شريحة واسعة من المغاربة الذين يجدون أنفسهم مضطرين للاستدانة من أجل شراء الأضحية. الامتناع عن الذبح في هذه السنة يجنب الأسر المغربية ضغطًا ماليًا كبيرًا، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. كما يرسخ قيم التكافل الاجتماعي من خلال التركيز على الصدقات والتضامن بين المواطنين.

شرعيًا، القرار ينسجم تمامًا مع تعاليم الإسلام التي تجعل الأضحية سنة مؤكدة وليست واجبًا، بل إنها مشروطة بالاستطاعة. الفقهاء عبر التاريخ أكدوا أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن عدم الإضرار بالاقتصاد والمجتمع أولى من الإصرار على إقامة السنة في ظروف صعبة. والدليل على ذلك أن الصحابيين الجليلين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب لم يكونا يذبحان الأضحية كل عام حتى لا يظن الناس أنها واجبة، مما يؤكد أن تركها في ظروف خاصة أمر مشروع تمامًا.

إضافة إلى ذلك، اتباع السنة النبوية كان واضحًا في القرار الملكي، حيث سيقوم أمير المؤمنين بذبح الأضحية نيابة عن الشعب، تمامًا كما فعل النبي محمد عندما ذبح كبشين، أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته. هذا يؤكد أن المغرب يحافظ على رمزية الشعيرة مع تكييفها مع الظروف الراهنة بما يخدم المصلحة العامة.

إلغاء الأضحية لهذا العام ليس تراجعًا عن تقاليد دينية، بل هو تدبير استراتيجي يراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمملكة. القرار الملكي الحكيم يثبت مرة أخرى أن إمارة المؤمنين في المغرب ليست مجرد لقب، بل هي مسؤولية حقيقية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الالتزام الديني والاستقرار المعيشي للمواطنين.

شارك المقال شارك غرد إرسال